السعودية.. بلادي وموطني

السعودية.. بلادي وموطني
عبد السلام بن إبراهيم الحميد

أنا مواطن عادي أعاني من مشاكل الحياة اليومية التي يعاني منها الإنسان العادي سواء بالمملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.. أو بأي مكان في العالم.. أعاني من غلاء المعيشة وفواتير الماء والكهرباء والهاتف، وغير ذلك من تفاصيل الحياة, لكني في نفس الوقت أحسب نفسي من أصحاب العقول والرؤى، وأرى في عقلي قيمة هي ما ميز بها الله البشر حين عرض الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها،,، وحملها الإنسان الذي يجب عليه التوكل على نفسه بعد الله عز وجل إذا أراد أن يعيش حتى لو كانت هناك صعوبات تواجه حياته.

هنا يطرح السؤال نفسه:

- ما هو الوطن؟

- أهو مساحة من الأرض فقط؟

في تصوري أن الوطن وإن كانت الأرض ضرورة أساسية لوجوده، إلا أن ما يصنع الوطن هو المواطنون والمواطنة من خلال العلاقة فيما بينهم، وهذه هي المواطنة التي نريد أن تسود فيما بيننا، وهنا يبرز السؤال الآخر الأكثر حدة وقسوة..

- هل نحن مرضى لا نحب الخير لبعضنا كما يروج البعض؟

- أم أن بعدنا عن فهم الوطنية كقيمة حقيقية في حياتنا يقف عائقاً بيننا وبين التواصل مع مفهوم المواطنة كقيمة حقيقية في عالم التبست فيه مفاهيم الانتماء ما بين الترويج لمفاهيم العولمة من جهة كقيمة ليبرالية صرف، وبين مفهوم الأمة الإسلامية كمفهوم عولمي آخر ولكن في مساحة الانتماء العقائدي وليس الوطني؟

لذلك يبدو لي كلام البعض ممن يتحدثون عن المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.. غريباً.. حين يتناولون تفاصيل الحياة في هذا البلد العظيم بشيء من المبالغة؛ حتى أشعر في بعض الأحيان أن حديثهم عن مكان آخر غير بلدي, أو أن من يتحدث لا يعيش في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.. وبالتالي فإن ما يدور في مخيلتهم شيء يخصهم، ويخص تصوراتهم، فإن كانت لدينا مشكلات نعاني منها مثل بقية الشعوب, فهناك بكل تأكيد تغيير يحسه ويشعر به كل من يعيش بأرض المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.

إن النظر إلى مؤسسات الوطن ودورها في صنع الحياة وبناء المجتمع من خلال منظور متكامل يبدو أوضح ما يبدو من خلال تأمل الحرس الوطني كمؤسسة عسكرية تقوم بدور حضاري رئيسي في بناء المجتمع، وحماية ثقافته الوطنية، ففي الوقت الذي تشكل فيه المؤسسات العسكرية تهديداً مباشراً للحياة المدنية والسياسية في الكثير من بلدان العالم، يتبنى الحرس الوطني السعودي واحدة من أكبر وأنجح الفعاليات الثقافية في العالم، ولعلها الفعالية الأولى على مستوى الثقافات العربية الآن التي تستضيف بضع آلاف كل عام في مهرجانها الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية احتفاءً ببناء وصنع ثقافة الوطن، ودعم مثقفيه، هذا عدا الأدوار الأخرى التي يقوم بها الحرس الوطني كمؤسسة شريكة في بناء المجتمع ومختلف أجهزته الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، ومختلف أنواع الخدمات التي يقدمها سواء لمنسوبيه أو لغيرهم من المواطنين في الوقت الذي تهتم به المؤسسات العسكرية في دول العالم الثالث بمن يقوم بالانقلاب العسكري التالي للاستيلاء على السلطة.

ولعل اهتمام الدولة بإنشاء وزارة للثقافة يمثل عناية الوطن بثقافة المجتمع، ومؤسساتها، والعمل على دعمها بأقل قدر ممكن من التدخل في دور هذه المؤسسات وآليات عملها، ودعم التوجه نحو إنشاء مؤسسات المجتمع المدني الثقافية.. كل تلك أدوار أناطت بها وزارة الثقافة نفسها مع التأكيد على استقلالية المؤسسات الفرعية مثل الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون عن سطوة المؤسسة الأم حرصاً على حرية الفكر في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.

نحن هنا في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.. أصبحت لدينا حرية كبيرة تكبر يوم بعد يوم، يكفي أن نسمع كلمات شباب هذا الوطن البسيطة والراقية المعبرة عن حبهم لمليكهم، والشارات التي تزين سياراتهم بكامل إرادتهم، وحرية اختيارهم، لتكون شهادة فخر للمواطن والمواطنة، كما يكفي قراءة صحفنا لاستبيان حجم الحرية التي أصبح يتمتع بها كتاب ومثقفي المملكة، ومثل إنشاء وكالة للشؤون الثقافية بوزارة الثقافة علامة فارقة أثبتت بها وزارة الثقافة قدرتها على إدارة الشأن الثقافي بأكبر قدر ممكن من الوعي، وفهمها بدور مؤسسة الدولة الرسمية الثقافي في رعاية الثقافة والمثقفين دون أن يكون لها دور الرقيب أو المهيمن.

لذلك تكتسب العلامات البسيطة الدالة على انتماء المواطن لهذا الوطن قيمتها، فهي شهادة وطنية نعلقها على صدورنا، وحين يصبح رفع العلم الوطني صباح كل يوم في المدارس، وإنشاد النشيد الوطني سلوكاً مستقراً، ومرغوباً فنحن نضع أنفسنا على مسار الانتماء الصحيح لمفهوم الوطنية في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.

إني أشعر بالفخر أني عربي من بلاد بها الحرمين الشريفين، ويحكمها ملك عربي مسلم مثل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز نصره الله وأيده.. ملك مثقف بالمفهوم العلمي لصناع ثقافة المجتمعات والحرص على تنمية بناه الثقافية، وليس بالمفهوم الساذج للتراكم المعرفي.. ملك من نسب شريف.. ملك ينتقل طول السنة من مدينة إلى مدينة منذ توليه الحكم ليسهر بنفسه على تنمية الوطن ومشروعاته المختلفة.. ملك يخرج من موكبه الرسمي ليسلم على مواطنيه كبيرهم وصغيرهم، ويشاركهم بساطة عيشهم.. ملك يشارك شعبه في كل شيء بكل تواضع، فنحن في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.. نرى ملكنا باسمرار، ونحرص على السلام عليه بل الشكوى له, فنحن لدينا ملك له روح شاب يمشي بخطوات ثابتة إلى التغيير رغم الضغوط الداخلية والخارجية وعدم الدعم والتناسق بين الدول عربية، والأطماع السياسية والاقتصادية العالمية التي تؤثر علينا كما تؤثر على غيرنا لأننا أصبحنا نعيش عالم هو قرية صغيرة.

هناك تغيير كبير في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني على مستويات عديدة ويبقى التغيير الأكبر الذي نحتاج هو تغيير العقليات حتى نكون على مستوى ما تريده قيادتنا السياسية التي يقف على رأسها ربان السفينة.. الأب القائد.. صقر العروبة.. وكما سبق وأن قلت فهذه الألقاب ليست صناعة رسمية، هي وبكل فخر صناعة شعبية خرجت من قلوب الجماهير السعودية إلى قلب المليك.. ملك أحب شعبه، فأحبه أبناء هذا الشعب لما التصق بهم وبهمومهم، فسكن قلوبهم، فكم من ملك يهتم برجل بسيط من أبناء شعبه كما اهتم أبو متعب بالكاتب سعد العفنان، لتتحرك مؤسسات الدولة للعناية به؟يجب أن نتغير وأن نبدأ التغيير ليس بأنفسنا فقط، ولكن بأبنائنا من الأجيال الصاعدة لأن طفل اليوم هو رجل الغد الذي يجب أن نربيه على الصراحة وعدم الغش, وعلى احترام الآخر, وان العمل عبادة وليس أن يتولى منصباً يأخذ أجرته كل شهر دون أن يؤدي عملاً، وأن انتماءه يجب أن يكون لهذه الأرض التي أنجبته، ورعته، وأطعمته، وأن تتغير عقلياتنا وتصرفاتنا تجاه الأساس الذي هو ديننا الحنيف الذي يجب أن نأخذه باعتدال بلا إفراط ولا تفريط.. هذه هي الثقافة التي نريد في المملكة العربية السعودية.. بلادي وموطني.

أين أنتم

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟