تابع : مفهوم المواطنة:
تعرف الموسوعة العربية العالمية المواطنة بأنها «اصطلاح يشير إلى الانتماء إلى أمة أو وطن» وفي قاموس علم الاجتماع تم تعريفها على أنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي (دولة)، ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق القانون
(غيث، 1995م، ص 56).
وينظر إليها فتحي هلال وآخرون من منظور نفسي بأنها الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية
(هلال، 2000م، ص 25).
أما التعريف الإسلامي للمواطنة فينطلق من خلال القواعد والأسس التي تنبني عليها الرؤية الإسلامية لعنصري المواطنة وهما الوطن والمواطن وبالتالي فإن الشريعة الإسلامية ترى أن المواطنة هي تعبير عن الصلة التي تربط بين المسلم كفرد وعناصر الأمة، وهم الأفراد المسلمون، والحاكم والإمام، وتُتوج هذه الصلات جميعًا الصلة التي تجمع بين المسلمين وحكامهم من جهة، وبين الأرض التي يقيمون عليها من جهة أخرى. وبمعنى آخر فإن المواطنة هي تعبير عن طبيعة وجوهر الصلات القائمة بين دار الإسلام وهي (وطن الإسلام) وبين من يقيمون على هذا الوطن أو هذه الدار من المسلمين وغيرهم
(هويدي، 1995م، ص 13).
ويؤكد ذلك القحطاني بقوله إن مفهوم المواطنة من المنظور الإسلامي هي «مجموعة العلاقات والروابط والصلات التي تنشأ بين دار الإسلام وكل من يقطن هذه الدار سواء أكانوا مسلمين أم ذميين أم مستأمنين»
(القحطاني، 1419هـ).
كما أن هناك مستويات للشعور بالمواطنة أوردها رضوان أبوالفتوح في النقاط التالية:
1 - شعور الفرد بالروابط المشتركة بينه وبين بقية أفراد الجماعة كالدم والجوار والموطن وطريقة الحياة بما فيها من عادات وتقاليد ونظم وقيم وعقائد ومهن وقوانين وغيرها.
2 - شعور الفرد باستمرار هذه الجماعة على مر العصور، وأنه مع جيله نتيجة للماضي وأنه وجيله بذرة المستقبل.
3 - شعور الفرد بالارتباط بالوطن وبالانتماء للجماعة، أي بارتباط مستقبله بمستقبلها وانعكاس كل ما يصيبها على نفسه، وكل ما يصيبه عليها.
4 - اندماج هذا الشعور في فكر واحد واتجاه واحد حركة واحدة.
(رضوان، 1960م، ص 127).
ومعنى ذلك أن مصطلح المواطنة يستوعب وجود علاقة بين الدولة أو الوطن والمواطن وأنها تقوم على الكفاءة الاجتماعية والسياسية للفرد، كما تستلزم المواطنة الفاعلة توافر صفات أساسية في المواطن تجعل منه شخصية مؤثرة في الحياة العامة، والتأثير في الحياة العامة والقدرة على المشاركة في التشريع واتخاذ القرارات http:/ /www.vob.org/Arabic/ lessons/lessons 38.htm
وإذا ربطنا مفهوم المواطنة بالديمقراطية نجد أن المواطنة ركيزة الديمقراطية، فلا يوجد مجتمع ديمقراطي، لا يعتمد في بنيانه على كل مواطن.
http:// www.ecwregypt.org/ Arabic/pup/2002 مفهوم الوطنية:
تعرف الموسوعة العربية العالمية الوطنية بأنها «تعبير قويم يعني حب الفرد وإخلاصه لوطنه الذي يشمل الانتماء إلى الأرض والناس والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن. ويوحي هذا المصطلح بالتوحد مع الأمة»
(1996م، ص 110).
كما تعرف بأنها «الشعور الجمعي الذي يربط بين أبناء الجماعة ويملأ قلوبهم بحب الوطن والجماعة، والاستعداد لبذل أقصى الجهد في سبيل بنائهما، والاستعداد للموت دفاعًا عنهما»
المواطنة والوطنية:
لبيان الفرق بين مفهوم المواطنة والوطنية يجب إدراج مفهوم آخر لا يقل أهمية عن المفهومين السابقين وهو مفهوم التربية الوطنية الذي يشير إلى ذلك الجانب من التربية الذي يشعر الفرد بصفة المواطنة ويحققها فيه، والتأكيد عليها إلى أن تتحول إلى صفة الوطنية، ذلك أن سعادة الفرد ونجاحه، وتقدم الجماعة ورقيها لا يأتي من الشعور والعاطفة إذا لم يقترن ذلك بالعمل الإيجابي الذي يقوم على المعرفة بحقائق الأمور والفكر الناقد لمواجهة المواقف ومعالجة المشكلات، فبهذا الجانب العملي تحصل النتائج المادية التي تعود على الفرد بالنفع والارتياح والسعادة، وعلى الجماعة بالتقدم والرقي
(إسماعيل، 1998م، ص 43).
ومعنى ذلك أن صفة الوطنية أكثر عمقًا من صفة المواطنة أو أنها أعلى درجات المواطنة، فالفرد يكتسب صفة المواطنة بمجرد انتسابه إلى جماعة أو لدولة معينة، ولكنه لا يكتسب صفة الوطنية إلا بالعمل والفعل لصالح هذه الجماعة أو الدولة وتصبح المصلحة العامة لديه أهم من مصلحته الخاصة.
وقد أشار عبدالتواب إلى أن الحديث عن المواطنة والوطنية يختلف عن الحديث عن الانتماء والولاء، فأحدهما جزء من الآخر أو مكمل له. فالانتماء مفهوم أضيق في معناه من الولاء، والولاء في مفهومه الواسع يتضمن الانتماء، فلن يحب الفرد وطنه ويعمل على نصرته والتضحية من أجله إلا إذا كان هناك ما يربطه به، أما الانتماء فقد لا يتضمن بالضرورة الولاء، فقد ينتمي الفرد إلى وطن معين ولكنه يحجم عن العطاء والتضحية من أجله
(عبدالتواب، 1993م، ص 108).
ولذلك فالولاء والانتماء قد يمتزجان معًا حتى إنه يصعب الفصل بينهما، والولاء هو صدق الانتماء، وكذلك الوطنية فهي الجانب الفعلي أو الحقيقي للمواطنة. والولاء لا يولد مع الإنسان وإنما يكتسبه من مجتمعه ولذلك فهو يخضع لعملية التعلم فالفرد يكتسب الولاء «الوطني» من بيته أولاً ثم من مدرسته ثم من مجتمعه بأكمله حتى يشعر الفرد بأنه جزء من كل
(السليمان، 1998م، ص 196).
مكونات المواطنة:
للمواطنة عناصر ومكونات أساسية ينبغي أن تكتمل حتى تتحقق المواطنة وهذه المكونات هي:
- الانتماء:
إن من لوازم المواطنة الانتماء للوطن دار الإسلام «فالانتماء في اللغة يعني الزيادة ويقال انتمى فلان إلى فلان إذا ارتفع إليه في النسب، وفي الاصطلاح هو الانتساب الحقيقي للدين والوطن فكرًا تجسده الجوارح عملاً»
(الدروع، وآخرون، 1999م، ص 32).
والانتماء هو شعور داخلي يجعل المواطن يعمل بحماس وإخلاص للارتقاء بوطنه وللدفاع عنه. أو هو «إحساس تجاه أمر معين يبعث على الولاء له واستشعار الفضل في السابق واللاحق»
(الزيد، 1417هـ، ص 60).
ومن مقتضيات الانتماء أن يفتخر الفرد بالوطن والدفاع عنه والحرص على سلامته. فالمواطن السعودي منتم لأسرته ولوطنه ولدينه وتعدد هذه الانتماءات لا يعني تعارضها بل هي منسجمة مع بعضها ويعزز بعضها بعضًا.
الحقوق:
إن مفهوم المواطنة يتضمن حقوقًا يتمتع بها جميع المواطنين وهي في نفس الوقت واجبات على الدولة والمجتمع منها:
- أن يحفظ له الدين.
- حفظ حقوقه الخاصة.
- توفير التعليم.
- تقديم الرعاية الصحية.
- تقديم الخدمات الأساسية.
- توفير الحياة الكريمة.
- العدل والمساواة.
- الحرية الشخصية وتشمل حرية التملك، وحرية العمل، وحرية الاعتقاد، وحرية الرأي.
هذه الحقوق يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين بدون استثناء سواء أكانوا مسلمين أم أهل كتاب أم غيرهم في حدود التعاليم الإسلامية فمثلاً حفظ الدين يجب عدم إكراه المواطنين من غير المسلمين على الإسلام قال تعالى: {لا إكراه في الدين} (البقرة: 256)، وكذلك الحرية فهي مكفولة لكل مواطن بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه، بشرط ألا تتعدى إلى حريات الآخرين أو الإساءة إلى الدين الإسلامي.
الواجبات:
تختلف الدول بعضها عن بعض في الواجبات المترتبة على المواطن باختلاف الفلسفة التي تقوم عليها الدولة، فبعض الدول ترى أن المشاركة السياسية في الانتخابات واجب وطني، وبعضها الآخر لا يرى المشاركة السياسية كواجب وطني.
ويمكن إيراد بعض واجبات المواطن في المملكة العربية السعودية التي منها:
- احترام النظام.
- التصدي للشائعات المغرضة.
- عدم خيانة الوطن.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- الحفاظ على الممتلكات.
- السمع والطاعة لولي الأمر.
- الدفاع عن الوطن.
- المساهمة في تنمية الوطن.
- المحافظة على المرافق العامة.
- التكاتف مع أفراد المجتمع.
هذه الواجبات يجب أن يقوم بها كل مواطن حسب قدرته وإمكانياته وعليه الالتزام بها وتأديتها على أكمل وجه وبإخلاص.
- المشاركة المجتمعية:
إن من أبرز سمات المواطنة أن يكون المواطن مشاركًا في الأعمال المجتمعية، والتي من أبرزها الأعمال التطوعية، فكل إسهام يخدم الوطن ويترتب عليه مصالح دينية أو دنيوية كالتصدي للشبهات وتقوية أواصر المجتمع،وتقديم النصيحة للمواطنين وللمسؤولين يجسد المعنى الحقيقي للمواطنة.
-القيم العامة:
وتعني أن يتخلق المواطن بالأخلاق الإسلامية والتي منها:
- الأمانة: ومن معاني الأمانة عدم استغلال الوظيفة أو المنصب لأي غرض شخصي
(الشيخ، 1420هـ ص 74).
- الإخلاص: ويشمل الإخلاص لله في جميع الأعمال، والإخلاص في العمل الدنيوي وإتقانه، والإخلاص في حماية الوطن.
- الصدق: فالصدق يتطلب عدم الغش أو الخداع أو التزوير، فبالصدق يكون المواطن عضوًا نافعًا لوطنه.
- الصبر: يعد من أهم العوامل التي تساعد على ترابط المجتمع واتحاده.
- التعاضد والتناصح: بهذه القيمة تجعل المجتمع مترابطًا، وتتآلف القلوب وتزداد الرحمة فيما بينهم.
يتبع .....